أنواع العينات في البحث العلمي
بعد أن ينتهي الباحث من اختيار مشكلة البحث وما يرتبط بها من فروض أو أسئلة وتحديد أبعادها ومنهجها، وصياغة وسائل جمع البيانات مسترشدا بأسلوب البحث المحدد الذي يسير وفقه البحث، يحاول أن يجمع أقصي ما يمكن جمعه من البيانات حيث لا يترك شيئا ذا أهمية دون بحث وتدقيق. ولذلك كان موضوع المعاينة من الأمور المهمة للغاية بالنسبة للباحثين في حقل العلوم، إذ تتوقف دقة البيانات التي يحصلون عليها على مدي تمثيل العينة للمجتمع الذي تجري عليه الدراسة. ومن خلال هذا المقال سنتعرف على أساسيات المعاينة، من خلال معرفة مفهوم المعاينة وشروط اختيار أسلوب المعاينة، وأنواع العينات التي يمكن للباحث استخدامها.
مفهوم المعاينة (العينة):
المعاينة هي مجموعة من الإجراءات أو العمليات التي تسمح بانتقاء مجموعة فرعية من مجتمع البحث بهدف تكوين عينة. يعتبر اختيار الباحث للعينة من الخطوات والمراحل المهمة للبحث، ولا شك أن الباحث يفكر في عينة البحث منذ أن يبدأ في تحديد مشكلة البحث وأهدافه، لأن طبيعة البحث وفروضه وخطته تتحكم في خطوات تنفيذه.
إن الأهداف التي يضعها الباحث لبحثه، والإجراءات التي سيستخدمها ستحدد طبيعة العينة التي سيختارها، هل سيأخذها عينة واسعة أم عينة محددة؟ هل سيطبق دراسته على كل الأفراد أم يختار قسما منهم فقط.
خطوات اختيار العينة:
تمر عملية اختيار العينة بمجموعة من المراحل المتسلسلة كالتالي:
- تحديد الهدف من البحث: إذ لابد من تعريف الدراسة المطلوبة والهدف منها حتى يتمكن الباحث من تحديد التصميمات التي يمكن استخدامها، بالتالي تحديد نوع العينة وحجمها.
- تحديد مجتمع الدراسة وتعريفه بشكل دقيق.
- تحديد البيانات والمعلومات المراد جمعها والتي لابد وأن تتلاءم مع أهداف المسح بالعينة وتعمل على تحقيقها.
- تحديد درجة الدقة المطلوبة، فكما أشرنا سابقا هناك أخطاء يقع فيها الباحث عند اختيار العينة، وبالتالي يجب عليه تحديد درجة الأخطاء والجهد والمال الإضافيين المبذولين للتغلب على هذه الأخطاء.
- تحديد طرائق وأساليب الحصول على البيانات: مثل الاستبيانات، المقابلات، الملاحظة.
- تحديد الإطار، فقبل اختيار العينة لابد من تقسيم مجتمع الدراسة إلى أقسام تعرف بوحدة المعاينة، إذ لابد أن تغطي مجتمع الدراسة وأن تكون منفصلة عن بعضها وغير متداخلة.
الاختيار المسبق، ويعني ضرورة إجراء تجربة أولية لأسلوب جمع المعلومات والبيانات المطلوبة، هذا ما يمكن من كشف مشاكل يمكن تجنبها قبل الشروع في جمع المعلومات بالتالي دقة أكثر. - تنظيم العمل الميداني ويتطلب ذلك:
1- تدريب العاملين في الميدان وتوضيح أهداف الدراسة وطرق جمع المعلومات.
2- إيجاد نظام التدقيق المبكر للبيانات والمعلومات التي يتك جمعها.
3- وضع الحلول المناسبة للحالات التي يتمكن فيها الباحث من الحصول على بيانات ومعلومات من بعض عناصر الدراسة.
4- تنظيم وتبويب وتحليل البيانات.
تعرف إلى المقابلة كأداة لجمع البيانات في البحث العلمي.
أنواع العينات في البحث العلمي:
يمكن التعرف الي أسلوبين لاختيار العينة هما: أسلوب العينة العشوائية أو الاحتمالية Random sample، وأسلوب العينة غير العشوائية Non – Random Sample، وفيما يلي توضيح لهذين الأسلوبين مع تحديد لأنواع العينات التي تندرج تحت كل أسلوب:
1- أسلوب العينة العشوائية Random Sample:
يختار الباحث في أسلوب العينة العشوائية أفراد ممثلين للمجتمع الأصلي لكي يستطيع تعميم النتائج على المجتمع الأصلي كله، وفي هذه الحالة يكون جميع أفراد المجتمع الأصلي للبحث معروفين ومحددين، فالتمثيل هنا يكون دقيقا. فإذا كان المجتمع الأصلي للدراسة هم طلاب المهن الهندسية، فإن جميع أفراد المجتمع معروفون تماما ومسجلون في قوائم تشمل جميع أفراد المجتمع.
والطريقة المناسبة لهذا الاختيار هي الطريقة العشوائية، ويتم الاختيار العشوائي وفق شرط محدد لا وفق الصدفة وهذا الشرط هو: أن يتوفر لدي كل فرد من أفراد المجتمع الأصلي الفرصة المكافئة لكل فرد آخر في أن يتم اختياره للعينة دون أي تحيز أو تدخل من الباحث، وهناك أشكال عدة للعينة العشوائية وهي:
2- العينة العشوائية البسيطة SIMPLE-Random:
تختار العينة العشوائية البسيطة في حالة توافر شرطين أساسيين هما: أن يكون جميع أفراد المجتمع الأصلي معروفين، والثاني أن يكون هناك تجانس بين هؤلاء الأفراد، ففي مثل هذه الحالة يعمد الباحث إلي اختيار العينة العشوائية وفق الأساليب التالية:
- القرعة: وفيها يتم ترقيم أفراد المجتمع الأصلي ووضع الأرقام في صندوق خاص ويتم سحب الأرقام حتى نستكمل العدد المناسب.
- جدول الأرقام العشوائية: وهي عبارة عن جداول يوجد فيهما أرقام عشوائية كثيرة يختار الباحث منها سلسلة من الأرقام العمودية أو الأفقية ثم يختار من المجتمع الأصلي الأفراد الذين لهم الأرقام نفسها التي اخترناها من جدول الأرقام العشوائية، ويكون هؤلاء الأفراد هم العينة المختارة.
ومن الواضح أن اختيار هذه العينة العشوائية البسيطة يبدو سهلا، ولكن ذلك يتطلب جهدا ووقتا طويلين، كما لا نضمن أن تكون هذه العينة ممثلة بدقة للمجتمع الأصلي.
3- العينة الطبقية Stratified Sample:
يستخدم الباحث هذا النوع من العينات في حالة الرغبة في تمثيل كل قطاعات وأفراد المجتمع في العينة ويعتمد على ضرورة ظهور السمات المختلفة مثل (الجنس، السن، الدين) وتضمن هذه العينة للباحث أن يتم تمثيل كل من المجموعات المتجانسة في مجتمع الدراسة. وهي شبيهة جدا للمعاينة العشوائية فيما عدا أننا نختار من مجموعات فرعية للمجتمع وليس من المجتمع ككل، حيث يقسم الباحث المجتمع إلى طبقات معينة بموجب مواصفات معروفة، تؤخذ وحدات من كل طبقة للحصول على عينة مؤلفة من مجموع هذه الأجزاء.
4- العينة المنتظمة Systematic:
تشابه إلى حد ما العينة العشوائية البسيطة، إلا أن هذا النوع يعتمد على وجود نوع من النظام في اختيار أفراد العينة. ولاختيار العينة العشوائية المنتظمة مجموعة شروط وهي:
- لابد أن تتوافر لكل أفراد مجتمع الدراسة نفس الفرصة للظهور في عينة الدراسة.
- يجب أن يتم الاختيار بشكل عشوائي بحت دون أي تدخل شخصي للباحث
- ضرورة توافر قائمة شاملة تحتوي كل أفراد المجتمع
- أن تكون هذه القائمة مرتبة بطريقة تؤدي إلي زيادة فرصة ظهور بعض الأفراد
- أن يكون أفراد المجتمع متجانسين.
- وأهم ما يميز هذا النوع من المعاينة سهولة اختيار الوحدات ودقة الاختيار مقارنة بالاختيار في حالة المعاينة العشوائية البسيطة.
5- أسلوب العينة غير العشوائية Non- Random:
تستخدم العينة العشوائية إذا كان أفراد المجتمع الأصلي معروفين تماما كما هو الحال في طلاب المهن التعليمية أو مجتمع المهندسين أو العمال ، ولكن هناك دراسات يصعب تحديد المجتمع الأصلي لها مثل : دراسة أحوال الدمنين أو المنحرفين أو المتهربين من الضرائب ، إن مثل هذه المجتمعات ليست محددة وأفرادها ليسوا معروفين فلا تستطيع اخذ عينة عشوائية منهم بحيث تمثلهم بدقة ، فيعمد الباحث إلي أسلوب العينة غير العشوائية ، ويختار عينة حسب معايير معينة يضعها الباحث ، فالباحث هنا يتدخل في اختيار العينة ويقرر من يختار ومن يهمل من المجتمع الأصلي للدراسة ، ولهذا الأسلوب ثلاثة أشكال من العينات :
6- عينة الصدفة Accidental Sample:
يختار الباحث عددا من الأفراد الذين قابلهم بالصدفة، فإذا أراد الباحث أن يدرس موقف الرأي العام من قضية ما فإنه يختار عددا من الناس يقابلهم بالصدفة في خلال ركوبة للسيارة أو وقوفه عند البائع أو في زاوية الطريق، ويؤخذ على هذه العينة أنها لا يمكن أن تمثل المجتمع الأصلي بدقة، ومن هنا يصعب تعميم نتائج البحث الذي يتناوله على المجتمع الأصلي كله.
7- العينة الحصصية Quota Sample:
هي عينة سهلة يمكن اختيارها بسرعة وسهولة حيث يقوم الباحث بتقسيم مجتمع الدراسة إلى فئات، ثم يختار عددا من أفراد كل فئة بحيث يتناسب مع حجم هذه الفئة، فإذا أراد باحث أن يدرس موقف الرأي العام من قضية المحامين، الأطباء.. الخ ثم يختار نت كل فئة عددا من الأفراد، أن هذه العينة تشبه العينة الطبقية العشوائية لكنها تختلف عنها في أن الباحث في العينة العشوائية لا يختار الأفراد كما يريد بينما في عينة الحصصية يقوم الباحث بهذا الاختيار بنفسه. دون أن يلزم نفسه بأية شروط فيتصل مع من يريد من الطلاب أو المحامين أو العمال، وبذلك لا تكون العينة ممثلة لمجتمعها تمثيلا دقيقا.
8- العينة الغرضية أو القصدية Purposive SAMPLE:
يقوم الباحث باختيار هذه العينة اختيارا حرا على أساس أنها تحقق أغراض الدراسة التي يقوم بها، فإذا أراد باحث أن يدرس تاريخ التربية، فإنه يختار عددا من المربين كبار السن كعينة قصدية تحقق أغراض دراسته، إنه يريد معلومات عن التربية القديمة، وهؤلاء الأشخاص يحققون له هذا الغرض فلماذا لا يأخذهم كعينة؟ إذ ليس من الضروري أن تكون العينة ممثلة لأحد.
فالباحث في هذه الحالة يقدر حاجته إلى المعلومات ويختار عينته بما يحقق له غرضه.
مقال رائع عن الملاحظة واستخداماتها في البحث العلمي.
الخاتمة
إن استعمال العينات لدراسة ظاهرة ما دراسة علمية أصبح شائعا في مجال البحوث العلمية، أي أن الباحث يجد نفسه لا يستطيع القيام بدراسة شاملة لجميع مقررات البحث فلا يجد غير وسيلة بديلة يستطيع الاعتماد عليها وهي الاكتفاء بعدد قليل من هذه المقررات، ولكن حتى يكون ذلك ممكنا ودقيقا في تمثيل المجتمع، يجب أ ن يكون التصميم العيني وتطويره منسجما مع المبادئ والمنهجية المقترحة.
مرجعية المقال
عبيدات، ذوقان، عبد الحق، كايد، عدس، عبد الرحمن. (2015). البحث العلمي مفهومه وأدواته وأساليبه. دار الفكر -عمان
عيسى، يونسي. (2021). العينة وأسس المعاينة في البحوث الاجتماعية. المركز الجامعي أحمد غليزان – مخبر الدراسات الاجتماعية والانثروبولوجية. 528-539.