أسئلة المقترح البحثي ال 10 التي يجيب عليها

أهم الأسئلة التي يجيب عنها المقترح البحثي

أهم الأسئلة التي يجيب عنها المقترح البحثي

يُعد المقترح البحثي الخطوة الأولى والرئيسية في بناء أي مشروع علمي، إذ يُمثّل الوثيقة التي يُقنع من خلالها الباحث لجنة الإشراف أو الجهة الممولة بأهمية دراسته، وجدارة تنفيذه، ومنهجيته العلمية. ولا يُبنى المقترح البحثي على سرد معلوماتي عشوائي، بل يُصاغ بناءً على هيكل منظم يُجيب عن مجموعة من الأسئلة المحورية. فكل جزء من المقترح مصمم ليعكس وضوح رؤية الباحث وفهمه العميق لموضوعه ومشكلته البحثية. في هذا المقال، سنبين أهم الأسئلة التي يُفترض أن يُجيب عنها المقترح البحثي، موضحين وظائفها، وأهميتها، وكيفية معالجتها بفعالية.

 

ما موضوع البحث؟

من أبرز الأسئلة التي يبدأ بها المقترح البحثي سؤال: ما هو موضوع البحث؟ إذ يُفترض أن يحدد الباحث بوضوح المجال الذي ينتمي إليه موضوعه، والنطاق الذي سيعمل ضمنه. فالموضوع ليس مجرد عنوان، بل هو التعبير الأول عن هوية المشروع العلمي.

وعلى الباحث أن يوضح بدقة أن كان يتناول مشكلة سلوكية، أو ظاهرة اجتماعية، أو نظرية علمية، مع تجنب التعميم والغموض. فاختيار موضوع واضح ومحدد يسهل فهم باقي عناصر المقترح ويسهم في بناء خطة بحث قوية.

شريط1

لماذا هذا الموضوع مهم؟

يُعد سؤال الأهمية أحد الأسئلة الجوهرية في أي مقترح بحثي، إذ يُعبّر عن القيمة العلمية والعملية للدراسة.
وفي هذه المرحلة، يُنتظر من الباحث أن يُبرّر اختياره للموضوع بدقة، من خلال عناصر متعددة، أبرزها:

  1. وجود فجوة معرفية حقيقية لم تُتناول بالدراسة الكافية في الأدبيات السابقة.
  2. قلة الدراسات الحديثة التي تناولت الموضوع في السياق الزمني أو المكاني المعني.
  3. أهمية الموضوع في الواقع العملي، سواء في التعليم، أو الصحة، أو الاقتصاد، أو غيرها.
  4. إمكانية إسهام الدراسة في اتخاذ قرارات أو صياغة سياسات.
  5. ارتباط الموضوع بتحوّلات أو تحديات معاصرة تحتاج إلى فهم علمي دقيق.
  6. إمكانية الإفادة من نتائج البحث في تطوير الممارسات المهنية أو الاجتماعية.
  7. كون الموضوع يشكّل اهتمامًا متزايدًا لدى المجتمع الأكاديمي أو المؤسسات البحثية.
  8. إمكانية بناء نماذج نظرية أو تطبيقية جديدة انطلاقًا من هذا البحث.

ملحوظة مهمة: فمن دون إقناع لجنة التحكيم بأهمية الموضوع، قد لا يُمنح المقترح أولوية، حتى وإن كان مكتوبًا بلغة جيدة. يجب دعم هذا الجزء بأدلة من دراسات سابقة أو مؤشرات واقعية.

 

ما أهداف البحث؟

بعد تحديد الموضوع وبيان أهميته، ينبغي أن يُجيب المقترح البحثي عن سؤال محوري: ما الذي يسعى الباحث إلى تحقيقه؟ وهو ما يُعرف بـ “الأهداف البحثية”. ينبغي أن تتصف الأهداف البحثية بـما يلي:

  1. الوضوح والدقة: أن تُصاغ بلغة مباشرة خالية من الغموض.
  2. القابلية للقياس: بحيث يمكن التحقق من تحققها بأدوات منهجية.
  3. الانسجام مع مشكلة البحث: بحيث تكون امتدادًا منطقيًا للإشكالية المطروحة.
  4. الواقعية والإمكان: أن تكون قابلة للتحقيق ضمن المدة الزمنية المتاحة والإمكانات المتوفرة.
  5. التركيز على النتائج: لا يُكتفى بالأهداف العامة، بل تُحدَّد النتائج المتوقعة من كل هدف.
  6. الترابط فيما بينها: بحيث لا تكون متفرقة أو متنافرة، بل تخدم غرضًا بحثيًا واحدًا.
  7. أن تُسهم في حل المشكلة أو تفسير الظاهرة: فلا تكون أهدافًا إنشائية أو خارج نطاق البحث.

 

ما مشكلة البحث؟

تُعد المشكلة البحثية حجر الزاوية في المقترح البحثي، إذ تُوجّه الدراسة بأكملها وتُبرّر الحاجة إليها. فاختيار المشكلة المناسبة يُعد مؤشرًا على نضج الباحث ووعيه بمجريات تخصصه. ينبغي أن تتصف المشكلة البحثية بعدد من الخصائص المنهجية، من أبرزها:

  1. أن تكون واقعية وقابلة للفحص العلمي، لا مجرد تساؤلات نظرية مجردة.
  2. محددة بدقة، دون تعميم مفرط أو غموض في المفاهيم.
  3. مبنية على ملاحظة أو تحليل لواقع فعلي أو فجوة في المعرفة.
  4. مدعومة بأدبيات علمية ودراسات سابقة، تثبت وجود المشكلة أو ضعف المعالجة لها.
  5. أن ترتبط بمتغيرات يمكن رصدها وقياسها.
  6. أن تكون ذات صلة بتخصص الباحث، لضمان الكفاءة في التحليل والمعالجة.
  7. أن تحمل في طيّاتها إمكانية الوصول إلى حلول أو تفسيرات علمية.
  8. أن تنسجم مع الأهداف، والأسئلة، والمنهج المختار للدراسة.

 

كيف تمت صياغة الفرضيات؟

إذا كانت الدراسة تعتمد على الفرضيات، فإن صياغتها تُعد عنصرًا أساسيًا في المقترح البحثي، حيث تُجسّد العلاقة المتوقعة بين المتغيرات، وتُوجّه أدوات التحليل والاختبار. وينبغي عند صياغة الفرضيات مراعاة ما يلي:

  1. أن تُصاغ بدقة ووضوح، دون غموض أو تعقيد لغوي.
  2. أن تكون قابلة للاختبار والقياس، باستخدام أدوات ومنهجيات بحثية مناسبة.
  3. أن تُشتق منطقيًا من الأدبيات السابقة، أو من نظرية علمية راسخة
  4. أن تعبّر عن علاقة بين متغيرين أو أكثر، بشكل محدد (علاقة تأثير، ارتباط، اختلاف…).
  5. أن تُبنى على ملاحظة علمية، لا على انطباع شخصي.
  6. أن تُصاغ بلغة بحثية دقيقة، تتجنّب الحكم القيمي أو التعميم.
  7. أن تتوافق مع طبيعة المنهج المستخدم، سواء كميًا أو نوعيًا.
  8. أن تكون محدودة بنطاق الدراسة، زمانيًا ومكانيًا وموضوعيًا.

شريط2

ما المنهج المستخدم؟

من الضروري أن يُفصح المقترح البحثي بوضوح عن المنهج الذي سيتبعه الباحث في معالجة مشكلة الدراسة، سواء كان كميًا، كيفيًا، أو منهجًا مختلطًا، وذلك وفقًا لطبيعة الأسئلة والأهداف المطروحة. ويشمل ذلك تحديد ما يلي:

  1. نوع المنهج المتبع: مع تبرير اختياره وفقًا لطبيعة الدراسة.
  2. أدوات جمع البيانات: مثل الاستبانة، المقابلة، الاختبار، أو تحليل الوثائق.
  3. مجتمع الدراسة: الفئة أو البيئة التي تُجرى عليها الدراسة.
  4. العينة: حجمها، أسلوب اختيارها (عشوائي، قصدي، طبقي…)، ومدى تمثيلها للمجتمع.
  5. الأساليب الإحصائية أو التحليلية: التي ستُستخدم لمعالجة البيانات (تحليل وصفي، اختبار T، تحليل محتوى…).
  6. الإجراءات المنهجية: خطوات تنفيذ البحث ميدانيًا أو نظريًا.
  7. حدود المنهج: وما إذا كان مناسبًا لتحقيق أهداف الدراسة بدقة.
  8. الاعتبارات الأخلاقية: عند التعامل مع الأفراد أو البيانات، ضمن الإطار المنهجي.

 

ما حدود البحث؟

يُجيب المقترح البحثي عن سؤال مهم يتعلق بـ حدود الدراسة، فكل بحث علمي يعمل ضمن إطار محدد يجب أن يُفصح عنه بوضوح لتجنب التعميم المفرط أو الالتباس المنهجي. وتشمل حدود البحث ما يلي:

  1. الحدود المكانية: توضح البيئة الجغرافية أو المؤسسية التي ستُجرى فيها الدراسة (مثل: مدينة، جامعة، مؤسسة تعليمية…).
  2. الحدود الزمانية: تشير إلى الفترة الزمنية التي تغطيها الدراسة (مثل: العام الدراسي 2023/2024، أو فترة زمنية تاريخية معيّنة).
  3. الحدود الموضوعية: تُحدّد المحاور أو الجوانب التي سيتناولها البحث، وتُبيّن ما سيتم استبعاده من نطاق الدراسة.
  4. الحدود المنهجية (عند الحاجة): وتُشير إلى ما قد يُقيّد الدراسة من أدوات أو مناهج معينة، مقارنة بطرق أخرى لم تُستخدم.

 

ما أهم المصطلحات؟

ينبغي أن يتضمّن المقترح البحثي تعريفًا دقيقًا وواضحًا للمصطلحات الأساسية التي يرتكز عليها، لا سيما إن كانت مصطلحات متخصصة أو متعددة الدلالات. ويُستحسن أن تشمل التعريفات ما يلي:

  1. التعريف اللغوي: لتحديد الأصل اللغوي والدلالة العامة للكلمة كما وردت في المعاجم.
  2. التعريف الاصطلاحي: لتوضيح المعنى العلمي للمصطلح كما استقر في الحقل المعرفي.
  3. التعريف الإجرائي: لتحديد كيف سيُستخدم المصطلح داخل الدراسة تحديدًا، وما المقصود به في سياق البحث.

 

ما الفائدة المتوقعة من البحث؟

من العناصر الجوهرية في المقترح البحثي أن يُبرز الباحث الجدوى المتوقعة من دراسته، سواء على الصعيد العلمي أو التطبيقي. وعند عرض الفائدة، يُستحسن توضيح ما يلي:

  1. الإضافة العلمية: ما الذي يُقدّمه البحث من أفكار، نماذج، أو نتائج تُثري الأدبيات القائمة؟
  2. الفائدة التعليمية أو التربوية: هل يمكن أن يُسهم البحث في تطوير المناهج، طرق التدريس، أو تدريب المعلمين؟
  3. الأثر المجتمعي أو الإداري: هل تُفيد النتائج صُنّاع القرار، أو تُحسّن أداء المؤسسات؟
  4. إمكانية توظيف النتائج: كيف يمكن تطبيق ما توصل إليه الباحث على أرض الواقع؟
  5. فتح آفاق لدراسات لاحقة: هل يطرح البحث تساؤلات جديدة تستحق مزيدًا من الاستكشاف؟

 

كيف ستُعرض النتائج؟

يُفترض أن يُوضح المقترح البحثي الآلية التي ستُعرض بها نتائج الدراسة، فطريقة العرض لا تقل أهمية عن النتائج نفسها؛ إذ تعكس قدرة الباحث على تنظيم البيانات وتحليلها بطريقة مفهومة وموضوعية. ويشمل ذلك توضيح ما يلي:

  1. أسلوب عرض النتائج: هل ستُقدّم النتائج من خلال جداول رقمية؟ رسوم بيانية؟ أو وصف تحليلي نصّي؟
  2. نوع التحليل المستخدم: هل ستُحلل النتائج باستخدام أدوات إحصائية (مثل المتوسطات، الانحراف المعياري، اختبار T.) أم من خلال تحليل نوعي (مثل تحليل المحتوى أو الترميز الموضوعي)؟
  3. البرمجيات المستخدمة: مثل برنامج SPSS للتحليل الكمي، أو NVivo للتحليل النوعي، أو برامج أخرى مناسبة لطبيعة البيانات والمنهج.
  4. وضوح العلاقة بين النتائج والأهداف: بحيث يُظهر العرض كيف تُجيب النتائج عن أسئلة البحث أو تحقق أهدافه.
  5. الدقة والحيادية في العرض: دون مبالغة أو تحريف للبيانات، مع احترام قواعد الأمانة العلمية.

 

ما التوصيات المقترحة؟

رغم أن الدراسة لم تُنجز بعد، إلا أن الباحث الواعي يُلمّح في مقترحه البحثي إلى التوصيات المحتملة التي يُتوقّع أن تخرج بها الدراسة، انطلاقًا من خلفيته النظرية، واطلاعه على الأدبيات، وفهمه العميق للمشكلة. وتُعد هذه التوصيات مؤشّرًا على:

  1. نضج الباحث ووعيه بتأثير دراسته.
  2. توقّعه للنتائج وآثارها الممكنة على الواقع العلمي أو العملي.
  3. استعداده لتوجيه أصحاب القرار، أو المهتمين، إلى خطوات تطبيقية بناءً على نتائج بحثه.
  4. فتح آفاق لمزيد من البحوث في ذات المجال أو مجالات متقاطعة.

 

كيف تُراجع جودة المقترح؟

يُفضل أن يشتمل المقترح البحثي على فقرة ختامية توضّح كيف تمت مراجعة المكونات المختلفة للمقترح. هل تم عرضه على مشرف أكاديمي للحصول على ملاحظات بنّاءة؟ هل تمت مراجعته لغويًا ومنهجيًا باستخدام أدوات تحرير احترافية؟ هل قورنت عناصره بمقترحات منشورة أو بأدلة إرشادية صادرة عن الجهة الأكاديمية المعنية؟

كما يُنصح بالاستعانة بقوائم التحقق المخصصة لتقييم جودة المقترحات، أو طلب تغذية راجعة من زملاء متخصصين في المجال نفسه. هذه الخطوات تُبرز مستوى الجدية، وتعكس وعي الباحث بأهمية تقديم عمل متكامل خالٍ من الثغرات.

الخاتمة

في ضوء ما سبق، يتضح أن المقترح البحثي ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو وثيقة متكاملة يجب أن تُجيب عن سلسلة من الأسئلة المنهجية والعلمية الدقيقة. كلما كانت الإجابات وافية ومترابطة، زادت فرص قبول المقترح وثقة الجهات الأكاديمية فيه. ولعل إدراك الباحث لطبيعة هذه الأسئلة، ومعالجتها بوعي علمي ومنهجي، يمثل خطوة حاسمة نحو تنفيذ مشروع بحث ناجح ومثمر.

Scroll to Top