ما هو التحليل الإحصائي؟ 5 مفاهيم تبرز أهميته للبحث العلمي

ما هو التحليل الإحصائي؟ ولماذا يُعد ضرورة في البحث العلمي؟

ما هو التحليل الإحصائي؟ ولماذا يُعد ضرورة في البحث العلمي؟

يُعد التحليل الإحصائي أحد الركائز الأساسية في البحث العلمي، لأنه يوفر للباحث أدوات منهجية تسمح بفهم البيانات وتفسيرها بدقة، وتحويلها من أرقام خام إلى معرفة قابلة للاستخدام في اتخاذ القرار. وقد ازدادت أهمية التحليل الإحصائي داخل الجامعات السعودية بفضل التوسع في الدراسات الكمية واعتماد برامج الدراسات العليا على منهجيات علمية تتطلب الدقة، والموضوعية، والقدرة على تفسير الظواهر البحثية. ويهدف هذا المقال إلى توضيح مفهوم التحليل الإحصائي، وأهميته، وأنواعه، والأخطاء الشائعة في استخدامه، ودوره في اتخاذ القرار داخل السياقات الأكاديمية والمهنية.

 

تعريف التحليل الإحصائي وأهميته في البحث العلمي

يشير التحليل الإحصائي إلى مجموعة من الأساليب الرياضية التي تُستخدم لمعالجة البيانات، بهدف الكشف عن الأنماط وتحديد العلاقات بين المتغيرات. ويتجاوز دوره مجرد حساب المتوسطات والانحرافات، ليصل إلى القدرة على التنبؤ، واختبار الفرضيات، وتفسير الظواهر العلمية بطريقة مبنية على الأدلة.

وتعتمد الجامعات السعودية على التحليل الإحصائي في الدراسات العليا لأنه:

  1. يضمن موضوعية النتائج.
  2. يساعد الباحث على تقييم جودة أدواته البحثية.
  3. يمكّن من فهم العلاقات داخل البيانات بشكل علمي.
  4. يرفع من مصداقية الرسائل العلمية المنشورة.

وهذا يجعل التحليل عنصرًا لا غنى عنه في ضمان جودة البحث.

 

كيف يُفكّر الباحث عند التعامل مع مفهوم التحليل الإحصائي؟

التحليل الإحصائي يشكّل الأداة التي تمنح البيانات صوتها الحقيقي، إذ تساعد الباحث على الانتقال من مجرد ملاحظة الظواهر إلى تفسيرها بصورة منهجية دقيقة، مما يجعله عنصرًا محوريًا في بناء المعرفة العلمية، فيما يلي توضيح الجوانب التي يسعى الباحث إلى استيعابها عند التعمق في هذا المفهوم.

  1. يسعى الباحث إلى فهم دور التحليل في تفسير البيانات لأنه يسمح بتحويل الأرقام الخام إلى مؤشرات ومعانٍ يمكن الاعتماد عليها علميًا.
  2. يرغب في تمييز الاختبارات الملائمة لطبيعة بياناته لضمان توافق الأسلوب الإحصائي مع الفرضيات والاتجاهات المراد اختبارها.
  3. يهدف إلى تعزيز جودة النتائج البحثية عبر اختيار تحليل قادر على كشف العلاقات بدقة دون تحيز أو مبالغة.
  4. يتساءل عن كيفية تجنب الاستنتاجات المضللة، إدراكًا منه أن التحليل الخاطئ قد يقود إلى أحكام غير علمية.
  5. يبحث عن مستوى الثقة المناسب الذي يضفي قوة وحجية على النتائج ويوضح درجة احتمال الخطأ.
  6. يهتم بـ تقييم حجم التأثير وليس مجرد الدلالة لفهم قيمة النتائج وحدود تطبيقها.
  7. يسعى إلى معرفة متطلبات تنظيف البيانات وتجهيزها لأنها تُعد مقدمة أساسية لأي تحليل موثوق.
  8. يحاول فهم كيفية تفسير الجداول والمخرجات بما يضمن قراءة دقيقة تراعي السياق البحثي.
  9. يحرص على التمييز بين التحليل الوصفي والاستدلالي لتحديد الدور الصحيح لكل منهما داخل البحث.
  10. يهتم كذلك بـ ربط التحليل بسؤال الدراسة لضمان أن النتائج تخدم الهدف العلمي ولا تنحرف عنه.

وبناءً على ذلك، يظهر أن الباحث يتعامل مع التحليل الإحصائي كإطار معرفي يوجّه قراراته العلمية قبل أن يكون مجرد أدوات تقنية. هذا الفهم التأسيسي يمهّد للانتقال إلى مناقشة أعمق حول القيمة العلمية التي يضيفها التحليل في مختلف حقول البحث.

أهمية التحليل الإحصائي

 

لماذا يُعد التحليل الإحصائي ضرورة في البحث العلمي؟

التحليل الإحصائي يمثل الأساس الذي يتحول به البحث من مجرد بيانات خام إلى فهم علمي قابل للتفسير، فهو الأداة التي تمنح الأرقام معناها وتكشف العلاقات بين متغيرات الدراسة، كالتالي:

1-تحويل البيانات إلى معرفة قابلة للتفسير

يساعد التحليل الإحصائي في بناء فهم أعمق للبيانات من خلال تحويل الأرقام إلى مؤشرات ذات معنى، مما يسمح بالكشف عن الاتجاهات الكامنة التي لا تظهر عند النظر إلى البيانات الأولية فقط. ويمنح ذلك الباحث رؤية أوضح لطبيعة الظاهرة المدروسة.

2-اختبار الفرضيات بدقة علمية

يتيح التحليل الإحصائي تحديد مدى قبول أو رفض الفرضيات عبر قيم واختبارات دقيقة، مما يمنح الاستنتاجات قوة وموضوعية. ويُعد هذا الاختبار عنصرًا حاسمًا في تقييم صلاحية توقعات الباحث.

3-الكشف عن العلاقات بين المتغيرات

يوضح التحليل طبيعة العلاقات سواء كانت ارتباطية أو سببية، مما يساعد الباحث على فهم تأثير كل متغير في الآخر. ويساهم ذلك في بناء نموذج منطقي يفسّر الظاهرة بشكل متكامل.

4-دعم التنبؤ واتخاذ القرار

تساعد النماذج الإحصائية على توقع النتائج المستقبلية في مجالات مثل الصحة والتعليم وإدارة الأعمال، مما يعزز قدرة المؤسسات على اتخاذ قرارات تعتمد على الأدلة. ويسهم ذلك في تحسين الأداء على مستوى السياسات والتطبيقات.

5-رفع جودة النتائج النهائية

يسمح التحليل للباحث بتقييم دقة البيانات وتصحيح الانحرافات المؤثرة على النتائج، الأمر الذي يضمن جودة أعلى في المخرجات العلمية. ويؤدي ذلك إلى بناء نتائج أكثر موثوقية.

6-معالجة البيانات المفقودة والمتطرفة

يتيح التحليل التعامل مع القيم المفقودة أو غير الطبيعية بطرق مناسبة تمنع تشويه النتائج النهائية. ويساعد ذلك في الحفاظ على سلامة النموذج البحثي ودقته.

7-تحديد قوة التأثير بين المتغيرات

لا يقتصر التحليل على بيان وجود علاقة، بل يقيس حجم تلك العلاقة وأهميتها، مما يساعد الباحث على تقييم وزن كل متغير في تفسير الظاهرة. ويضيف ذلك بعدًا تفسيرياً مهمًا للدراسة.

8-تعميم النتائج على مجتمع الدراسة

من خلال التحليل الاستدلالي يمكن الانتقال من العينة إلى المجتمع الأصلي بثقة محسوبة، مما يمنح النتائج قابلية أكبر للتطبيق. ويُعد هذا عنصرًا أساسيًا في الدراسات التي تسعى لبناء معرفة معممة.

9-تقييم صدق وثبات أدوات القياس

يساعد التحليل على التأكد من أن الأدوات البحثية قادرة على قياس ما صُممت لقياسه عبر اختبارات الثبات والصدق. ويعزز ذلك موثوقية النتائج النهائية وجودة التفسير العلمي.

10-عرض النتائج بصورة واضحة

يسهم التحليل الإحصائي في تنظيم الجداول والرسوم البيانية بطريقة سهلة القراءة، مما يجعل نقل النتائج للقارئ أو المحكّم أكثر دقة ووضوحًا. ويسهم ذلك في بناء عرض علمي متماسك.

وبناءً على ما سبق، يتبين أن التحليل الإحصائي ليس مجرد خطوة تقنية، بل هو إطار معرفي شامل يوجّه الباحث في كل مرحلة من مراحل بحثه؛ وهذا يمهّد للتعرّف على الأنواع المختلفة من التحليل التي تُستخدم بحسب أهداف الدراسة وطبيعة بياناتها.

 

أنواع التحليل الإحصائي المستخدمة في الأبحاث

التحليل الإحصائي يشكّل الإطار المنهجي الذي يعتمد عليه الباحث في فهم البيانات واستخلاص الدلالات العلمية منها، إذ تتنوع أساليبه بتنوع أهداف الدراسة وطبيعة متغيراتها، أبرزها:

1-التحليل الوصفي

يُستخدم لعرض البيانات وتلخيصها بهدف فهم خصائصها الأساسية من خلال المتوسطات، والانحراف المعياري، والتكرارات. ويساعد هذا النوع على رسم الصورة الأولية لمجتمع الدراسة قبل الانتقال لأساليب أكثر تعقيدًا. ويعد الخطوة التمهيدية لأي بحث يعتمد على البيانات الكمية.

2-التحليل الاستدلالي

يركز على تعميم نتائج العينة إلى مجتمع الدراسة عبر اختبارات إحصائية مثل T-test وANOVA وChi-square، مما يمنح الباحث قدرة على الحكم العلمي على الفرضيات. ويُسهم هذا التحليل في تقدير العلاقات والفروق بدقة منهجية. وهو من أكثر الأساليب شيوعًا في الدراسات التجريبية.

3-التحليل متعدد المتغيرات

يُستخدم لدراسة نماذج معقدة تتضمن عدة متغيرات في الوقت نفسه مثل تحليل العوامل والانحدار المتعدد والنماذج الهيكلية. ويساعد في فهم العلاقات التشابكية داخل البيانات. ويعد مناسبًا للأبحاث التي تسعى لاكتشاف أنماط عميقة تتجاوز التحليل الأحادي.

4-التحليل النوعي الرقمي

يجمع بين التحليل الكيفي والإحصائي، ويُستخدم في الدراسات الاجتماعية والتربوية التي تحتاج إلى دمج السرد النوعي مع الأدلة الرقمية. ويساعد في تفسير الظواهر المعقدة التي لا تكفي فيها الأساليب الكمية وحدها. ويمنح هذا الدمج رؤية أكثر شمولًا.

5-التحليل عبر البرمجيات الحديثة

يشمل استخدام أدوات مثل SPSS وAMOS وSmartPLS وR، وهي الأكثر اعتمادًا في الجامعات السعودية لتحليل النماذج الكمية. وتساعد هذه البرامج على إجراء اختبارات معقدة بكفاءة وسرعة. كما تتيح تصدير النتائج بطريقة منظمة تسهل مراجعتها.

6-التحليل الطولي (Longitudinal Analysis)

يُستخدم لدراسة التغيرات عبر الزمن من خلال تتبع نفس العينة في فترات متعددة، وهو منهج مهم في الدراسات الصحية والتربوية. ويوضّح اتجاهات النمو أو التغير. ويسهم في بناء استنتاجات أكثر عمقًا حول تطور الظاهرة.

7-التحليل المكاني (Spatial Analysis)

يُعنى بدراسة البيانات المرتبطة بالموقع الجغرافي، ويستخدم في أبحاث التخطيط العمراني والصحة العامة والبيئة. ويساعد في كشف الأنماط المكانية والتوزيعات الجغرافية للظواهر. ويضيف قيمة تفسيرية مهمة في الدراسات الميدانية.

8-التحليل التجميعي (Meta-analysis)

يُستخدم لدمج نتائج مجموعة من الدراسات السابقة لتكوين صورة أكثر وضوحًا حول موضوع معين. ويعتمد على حساب التأثير الكلي عبر دراسات متعددة. وهو شائع في الرسائل العلمية التي تهدف لتعزيز قوة الأدلة البحثية.

وبناءً على ذلك، يظهر أن تنوع أساليب التحليل الإحصائي يتيح للباحث اختيار النموذج الذي يناسب بياناته وأهدافه البحثية بدقة، مما يجعل الاستخدام الصحيح لهذه الأساليب خطوة محورية في بناء نتائج علمية متماسكة وقابلة للتطبيق. هذا يقود إلى سؤال مهم يتمثل في تحديد اللحظات التي يصبح فيها التحليل الإحصائي ضرورة لا يمكن تجاوزها.

 

متى يحتاج الباحث إلى استخدام التحليل الإحصائي؟

التحليل الإحصائي يُعد الركيزة التي يعتمد عليها الباحث كلما تعامل مع بيانات كمية أو احتاج إلى اختبار علاقات أو تعميم نتائج، لأنه يوفر منهجًا موضوعيًا للحكم على الفرضيات وفهم أنماط الظواهر، كالاتي:

  1. يحتاج الباحث للتحليل الإحصائي عند اختبار فرضيات كمية بهدف تحديد مدى صحة التوقعات العلمية اعتمادًا على اختبارات دقيقة.
  2. ويستخدمه عند الرغبة في تعميم النتائج من العينة إلى المجتمع، مما يمنح الدراسة قوة تفسيرية أوسع.
  3. ويصبح التحليل ضروريًا عند تحليل الاستبانات والبيانات الواسعة لفهم الاتجاهات العامة والتوزيعات داخل العينة.
  4. ويُعتمد عليه عند تقييم العلاقة بين متغيرات متعددة للكشف عن الارتباطات والتأثيرات المتبادلة.
  5. كما يلجأ إليه الباحث عند تصميم الأدوات البحثية للتحقق من صدقها وثباتها قبل استخدامها في جمع البيانات.
  6. وتبرز الحاجة إليه عند مقارنة مجموعات مختلفة لمعرفة ما إذا كانت الفروق بينها ذات دلالة إحصائية.
  7. ويستخدم كذلك عند بناء نماذج تنبؤية تساعد في توقع السلوك المستقبلي للمتغيرات.
  8. ويُعد ضروريًا عند معالجة البيانات المفقودة والمتطرفة لضمان عدم تشويه النتائج النهائية للدراسة.

وبناءً على ما سبق، يُفهم أن التحليل الإحصائي ليس مجرد خيار، بل هو خطوة منهجية أساسية كلما أراد الباحث الوصول إلى نتائج قابلة للتفسير والاعتماد العلمي. ومع ذلك، قد تؤدي بعض الأخطاء في استخدامه إلى نتائج مضللة تقلل من جودة البحث، وهو ما يستدعي التوقف عند أبرز هذه الأخطاء وتفسير آثارها.

دقة تحليل البيانات

أخطاء شائعة يرتكبها الباحثون عند استخدام التحليل الإحصائي

التحليل الإحصائي رغم كونه أداة منهجية دقيقة، إلا أن سوء استخدامه قد يقود الباحث إلى استنتاجات مضللة أو غير دقيقة، خصوصًا عندما يغيب الفهم العميق لآلياته وأسسه العلمية، أبرزها:

  1. الوقوع في خطأ اختيار اختبار غير مناسب لطبيعة البيانات مما يؤدي إلى نتائج لا تعكس الواقع الإحصائي بدقة.
  2. استخدام اختبارات بارامترية على بيانات لا تستوفي شروطها مثل شرط التوزيع الطبيعي، وهو ما يضعف صدق النتائج.
  3. سوء تفسير القيم الإحصائية خاصة قيمة p-value التي يُساء فهمها باعتبارها مقياسًا لحجم التأثير.
  4. الاعتماد على البرامج الإحصائية دون فهم المنطق العلمي الذي تقوم عليه، مما يجعل النتائج شكلية وغير موثوقة.
  5. استخدام عينات صغيرة للغاية لا تسمح بتعميم النتائج أو اختبار الفرضيات بقوة كافية.
  6. تجاهل التعامل السليم مع البيانات المفقودة والمتطرفة مما يؤدي إلى انحراف واضح في النتائج النهائية.
  7. استخدام مقاييس وصفية فقط في دراسات تحتاج إلى استدلال، فيقل مستوى التحليل وتضيع العلاقات المهمة.
  8. إهمال اختبارات الصدق والثبات للأدوات قبل استخدامها، مما يجعل القياس نفسه غير دقيق.
  9. تطبيق اختبارات متعددة دون ضبط لمستوى الدلالة مما يزيد احتمالات الخطأ من النوع الأول.
  10. تجاهل التحقق من افتراضات النموذج الإحصائي مثل تجانس التباين أو استقلالية المشاهدات، وهو ما يقلل من صحة النتائج.

وبناءً على ذلك، يتضح أن جودة التحليل لا تعتمد على إجراء الاختبارات فقط، بل على سلامة المنهجية كاملة منذ جمع البيانات وحتى تفسير المخرجات؛ فكل خطأ صغير قد ينعكس على الاستنتاجات العامة ويضعف القيمة العلمية للدراسة، الأمر الذي يجعل من الضروري فهم أثر جودة التحليل في نتائج البحث العلمي.

 

تأثير جودة التحليل الإحصائي على نتائج البحث العلمي

التحليل الإحصائي يمثل محورًا حاسمًا في قوة أي دراسة علمية، إذ إن جودة تطبيقه تحدد مدى دقة النتائج وقدرتها على تقديم تفسير علمي موثوق للظواهر، تشمل:

  1. رفع دقة النتائج العلمية من خلال اختيار الأساليب التي تتوافق مع طبيعة البيانات والفرضيات.
  2. زيادة موثوقية الاستنتاجات عبر تقليل الأخطاء العشوائية والمنهجية داخل البيانات.
  3. خفض احتمالية التحيّزات البحثية نتيجة ضبط منهجية التحليل وتحقق افتراضاته قبل التطبيق.
  4. تعزيز قدرة المحكمين على تقييم الدراسة بوضوح بسبب تنظيم المخرجات وصدق الأدلة الرقمية.
  5. زيادة قدرة الباحث على تفسير الظواهر العلمية اعتمادًا على علاقات موثقة بدل التأويلات النظرية.
  6. تحسين إمكانية تعميم النتائج عندما تكون التحليلات مستوفية لشروط الطرق الاستدلالية.
  7. تمكين الباحث من اكتشاف الأنماط الدقيقة التي قد تغيب في حال استخدام أساليب تحليل سطحية.
  8. رفع جودة الرسائل العلمية بما يتوافق مع معايير الجامعات السعودية التي تشدد على دقة التحليل ومصداقيته.

وبناءً على ما سبق، يتبين أن جودة التحليل الإحصائي ليست عاملًا إضافيًا في البحث، بل هي جزء جوهري يحدد مصير الدراسة ودرجة قبولها علميًا؛ فالتحليل المتقن وحده هو ما يمنح النتائج وزنها الحقيقي ويجعل الاستنتاجات قابلة للاعتماد والنشر الأكاديمي، مما يطرح سؤالًا مهمًا حول كيفية ضمان هذه الجودة في التطبيق العملي.

 

كيف يضمن الباحث جودة التحليل الإحصائي؟

التحليل الإحصائي يمثل عنصرًا جوهريًا في موثوقية الدراسات الكمية، ولذلك فإن ضمان جودته يتطلب من الباحث الالتزام بمجموعة من الخطوات العلمية التي تعزز دقة النتائج وقوتها التفسيرية، كما يلي:

1-اختيار الأسلوب المناسب للبيانات

تبدأ الجودة بانتقاء الأسلوب الإحصائي المتوافق مع طبيعة البيانات من حيث نوع المتغيرات وحجم العينة. ويساعد هذا التوافق على تجنب الأخطاء التي قد تضعف النتائج، كما يضمن أن التحليل يخدم سؤال الدراسة بشكل مباشر ومنهجي.

2-مراجعة شروط الاختبارات قبل التطبيق

تعتمد الاختبارات الإحصائية على افتراضات محددة مثل التوزيع الطبيعي وتجانس التباين، ويؤدي تجاهل هذه الشروط إلى نتائج غير صحيحة. لذا يلتزم الباحث بمراجعتها مسبقًا لضمان عمل الاختبار ضمن حدوده العلمية الدقيقة.

3-توثيق خطوات التحليل بشفافية

يُعد التوثيق جزءًا أساسيًا من الجودة، إذ تشدد الجامعات السعودية على كتابة كل خطوة بوضوح. ويساعد ذلك في تمكين المحكمين من مراجعة المسار التحليلي وتحديد أي خلل محتمل، مما يرفع من مصداقية الدراسة.

4-فهم مخرجات البرامج الإحصائية

لا يكفي تشغيل البرامج مثل SPSS أو AMOS دون فهم القيم الناتجة، إذ يؤدي ذلك إلى تفسيرات خاطئة. ويتطلب التحليل الجيد قدرة الباحث على قراءة النتائج وربطها بالسياق العلمي بدقة ومنهجية.

5-تنظيف البيانات لضمان سلامة النتائج

تمثل معالجة القيم المتطرفة والمفقودة خطوة أساسية قبل أي تحليل، لأنها تمنع تشوه النتائج وتحافظ على صدق النموذج الإحصائي. ويسهم هذا الإجراء في تعزيز الدقة الإحصائية للمخرجات النهائية.

6-التحقق من صدق وثبات أدوات القياس

يعتمد التحليل الدقيق على أدوات قياس سليمة، لذلك يفحص الباحث صدق الأداة وثباتها للتأكد من أنها تمثل الظاهرة بدقة. ويؤثر ذلك مباشرة على قوة التفسير العلمي وقدرة النتائج على التعبير عن الواقع.

7-تحديد مستوى الدلالة المناسب

يُستخدم مستوى الدلالة لضبط احتمالات الخطأ في الاستنتاجات، ويعد اختياره بشكل صحيح عنصرًا أساسيًا في جودة التحليل. ويساعد هذا الاختيار على التمييز بين الفروق الحقيقية وتلك الناتجة عن الصدفة.

8-مراجعة النتائج وربطها بالإطار النظري

تُعد مراجعة النتائج خطوة نهائية مهمة، حيث يربط الباحث بين المخرجات الإحصائية والنظرية العلمية لضمان اتساق الاستنتاجات. ويؤدي هذا الربط إلى بناء تفسير متماسك يعكس قوة المنهجية البحثية.

وبناءً على هذه الأسس، يتضح أن جودة التحليل الإحصائي عملية مترابطة تعتمد على قرارات دقيقة في كل مرحلة، بدءًا من اختيار الأسلوب إلى تفسير النتائج وربطها بالإطار العلمي؛ وهذا ما يمهّد لفهم دوره الحيوي في دعم القرار داخل المؤسسات السعودية.

 

دور التحليل الإحصائي في اتخاذ القرار داخل المؤسسات السعودية

التحليل الإحصائي يُعد أداة محورية تعتمد عليها المؤسسات عند صياغة القرارات والسياسات، لأنه يوفّر أدلة كمية تساعد في فهم الواقع وتوجيه الموارد بفاعلية، كما يسهم في تقييم البرامج وتحسين الأداء المؤسسي، كالتالي:

  1. تُستخدم الأساليب الإحصائية في تقييم البرامج الأكاديمية داخل الجامعات عبر تحليل معدلات النجاح والرضا ومستوى الكفاءة التعليمية.
  2. وتساعد في تحليل استبانات رضا المستفيدين لتحديد نقاط القوة والضعف داخل الخدمات العامة أو التعليمية.
  3. ويعتمد صانعو القرار على التحليل عند دعم السياسات الاستراتيجية داخل الهيئات الحكومية ببيانات دقيقة ومقارنات كمية.
  4. كما يُستخدم لبناء نماذج تنبؤية في القطاعات الصحية لتوقع الاحتياجات ومعالجة التحديات المستقبلية.
  5. ويدعم التحليل المؤسسي في تقييم الأداء الاقتصادي عبر تتبع المؤشرات المالية والاتجاهات السوقية.
  6. ويسهم التحليل في تحسين جودة الخدمات من خلال قياس الأداء ومقارنته بالمعايير المحلية والعالمية.
  7. ويُستخدم في تحليل البيانات الضخمة Big Data التي تعتمد عليها الجهات الحكومية ضمن رؤية السعودية 2030.
  8. كما يسهّل اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة بدل الاعتماد على الخبرة أو التقدير الشخصي فقط.
  9. ويمكّن المؤسسات من تحديد أولويات الإنفاق والموارد بناءً على نماذج كمية دقيقة.
  10. ويعزز القدرة على توقع المخاطر ووضع خطط استجابة فعّالة اعتمادًا على بيانات تاريخية وتحليل اتجاهات.

 

الخاتمة

يمثل التحليل الإحصائي أداة لا غنى عنها في البحث العلمي، لأنه يضمن دقة النتائج وقابليتها للتفسير، ويساعد الباحث على اتخاذ قرارات مبنية على أدلة علمية. وكلما ارتفعت جودة التحليل، ارتفعت جودة الدراسة، وزادت قيمتها العلمية. ولهذا يعد الإلمام بالتحليل الإحصائي مهارة أساسية لكل باحث يسعى إلى إنتاج معرفة رصينة وموثوقة داخل الجامعات السعودية.

منصة احصائي تحليل بيانات

دور منصة إحصائي في دعم الباحثين في التحليل الإحصائي

تسهم منصة إحصائي في دعم الباحثين من خلال:

  1. تنفيذ التحليل الوصفي والاستدلالي بمهنية عالية.
  2. إعداد نماذج الانحدار والمعادلات الهيكلية وتحليل العوامل.
  3. تفسير النتائج وكتابتها بطريقة أكاديمية واضحة.
  4. تقديم استشارات بحثية تساعد على اختيار الأسلوب الإحصائي الأفضل.

 

المراجع

Clark, A. L., Johnson, M., Fairhurst, C., Torgerson, D., Cockayne, S., Rodgers, S., … & Greenstone, M. (2015). Statistical analysis. In Does home oxygen therapy (HOT) in addition to standard care reduce disease severity and improve symptoms in people with chronic heart failure? A randomised trial of home oxygen therapy for patients with chronic heart failure. NIHR Journals Library.‏

Scroll to Top