الاستبيان كأداة لجمع البيانات في البحث
يعد الاستبيان من أدوات البحث العلمي وأصبح الأكثر شيوعا وفي الفترة الأخيرة ازداد استخدام الاستبيان Questionnaire في البحوث العلمية حتى أنه أصبح الأداة الأولي التي تجمع بها المعلومات التي يمكن على ضوئها اختبار فروض الدراسة وعند اختيار الأداة instrument المناسبة لأي بحث ينبغي وضوح ماهية مشكلة البحث والرجوع إلى الدراسات السابقة، ومعرفة العدد الفعلي لمجتمع الدراسة واختيار العينة الممثلة قبل الشروع في تصميم أداة البحث. ولذلك جاءت فكرة هذا المقال للتكلم عن الاستبيان ولتوضيح تعريفه وأهميته وخصائص وانواعه في البحث العلمي.
تعريف الاستبيان:
اختلف خبراء مناهج البحث العلمي في مدلول مصطلح ” الاستبيان لغة” كلمة مترجمة تعني طلب الإبانة عما في الذات وهي من فعل استبان ويجرد إلي أبان، وذلك يرجع إلى ترجمة Questionnaire ليس استفتاء أو استقصاء، بل ترجمتها فقط. ولكن البعض يخلط بين هذه المصطلحات ويعتبرها مرادفا وهذا خطا لأن الاستفتاء من استفتي أي طلب الفتوي من ذوي العلم.
المفهوم الاصطلاحي: رغم الاختلاف بين العلماء في لفظ هذا المصطلح الحاصل نتيجة للترجمة الا أنهم يتفقون على أنه (أداة لجمع البيانات من أفراد أو جماعات كبيرة الحجم ذات كثافة سكانية عالية وعن طريق عمل استمارة تضم مجموعة من الأسئلة أو العبارات بغية الوصول إلى معلومات كيفية أو كمية. والاستبيان هو أداة لفظية بسيطة ومباشرة تهدف إلى التعرف على ملامح خبرات المفحوصين واتجاهاتهم نحو موضوع معين ومن خلال توجيه أسئلة قريبة من التقنين في الترتيب والصياغة وما شابه ذلك.
أهمية الاستبيان:
لقد أبدى كثير من العلماء في أواخر القرن الماضي عدم رضائهم عن كفاية الطرق في دراسة السلوك البشري، ولقد كان من بين الذين أعربوا عن عدم رضاهم عن كفاية الملاحظة الاستنباطية في دراسة السلوك البشري، وأدركوا فشل هذه الطريقة، والطرق المشابهة لها في الإجابة عن كثير من الأسئلة.
وقد مهد هذا الفشل للتفكير في طرق ووسائل اخري لدراسة السلوك البشري، وقد كان الاستبيان من بين أدوات جمع البيانات التي أخذت في الانتشار منذ ذلك الوقت، ولاتزال تحتل مركزا بارزا حتى الوقت الحاضر بين أدوات جمع البيانات.
وتبرز أهميته من خلال جمع البيانات التي تساعد على وضع تخطيط سليم لبرامج الهيئات الصناعية والتجارية، بالإضافة الى استخدامه في البحوث الاجتماعية كأداة مساعدة في جمع البيانات عن الظواهر الاجتماعية القابلة للقياس. كما انه يستخدم أيضا في مقياس الرأي العام في مجالات السياسة، والتجارة، والصحة، وغيرها. كما يستخدمه المشتغلون بالبحوث التربوية على نطاق واسع للحصول على حقائق عن الظروف، والأساليب القائمة بالفعل، وإجراء البحوث التي تتعلق بالاتجاهات والآراء.
الخصائص العامة للاستبيان:
هناك العديد من الخصائص التي تميز بها الاستبيان عن غيره من أدوات البحث الأخرى وهي كالاتي:
- يستفاد بالاستبيان إذا كان أفراد البحث منتشرين في أماكن متفرقة ويصعب الاتصال بهم شخصيا.
- الاستبيان قليل التكاليف والجهد والوقت إذا قورن بغيره من أدوات جمع المعلومات الأخرى.
- يعطي الاستبيان لأفراد العينة فرصة كافية للإجابة على الأسئلة بدقة خاصة إذا كان نوع البيانات المطلوبة متعلقا بالأسرة فمن الممكن التشاور معا في تعبئة الإجابات الجماعية.
- يسمح الاستبيان للأفراد كتابة البيانات في الأوقات التي يرونها مناسبة لهم دون أن يقيدوا بوقت معين يصل فيه الباحث لجمع البيانات.
- تتوفر للاستبيان ظروف التقنين أكثر مما تتوفر للأدوات جمع البيانات الأخرى وذلك نتيجة للتقنين في الالفاظ وترتيب الأسئلة وتسجيل الاستجابات.
- لا يحتاج الاستبيان إلى عدد كبير من جامعي البيانات نظرا لان الإجابة عن أسئلة الاستبيان أو عباراته لا يتطلب الا المبحوث وحده دون الباحث.
- يمكن تطبيق الاستبيان على نطاق واسع أو على عينات كبيرة الحجم.
- يعطي المبحوث نوعا من الخصوصية لا تتوفر في بعض البحوث الأخرى.
اطلع على مقال شمولي عن أساسيات علم الإحصاء.
أنواع الاستبيان:
ينقسم الاستبيان إلى أنواع مختلفة وذلك حسب منهجية المصنف لها والغرض من تصميمه، فمن العلماء من قسمها حسب الطريقة التي يصف بها عينة الدراسة، ومنهم من صنفها حسب نوع الأسئلة التي صاغ بها استبيانه، ومنهم من صنفها حسب نوع، وطبيعة المعلومات التي يتطلبها البحث فهي تصنيفات لا نواع متعددة نذكر أبرزها:
النوع الأول: تصنيف الاستبيان وفقا لطريقة التطبيق وطريقة توصيله وينقسم الى قسمين هما:
1- الاستبيان البريدي Mailed Questionnaires:
هو الذي يتم ارساله بالبريد إلى الأشخاص موضوع الدراسة ليقوموا بتسجيل اجاباتهم على الأسئلة الواردة يهم، وثم اعادته ثانيه إلي الباحث يمكن أن تصل الاستبيانات البريدية كثيرا من الناس في مناطق واسعة ومنتشرة بسرعة، وسهولة، ولها أهمية عند قياس الاتجاهات، أو قياس الرأي مثلا، كما أن هذه الطريقة قليلة التكاليف نسيبا، ونسبة الفاقد تكون كثيرة، ولا تعود الردود بسرعة واحدة ويمكن أن تؤدى الردود الجزئية إلى تحيز يجعل البيانات التي نحصل عليها لا فائدة منها.
2- استبيان المواجهة:
يوزع هذا الاستبيان باليد على الأفراد عينة الدراسة ليجيبوا عليه ويعيدوه ثانية بدون مساعدة من أحد لان الأفراد المقصودين بالبحث كلهم أو بعضهم مجتمعون في مكان معين لغرض من الأغراض كدراسة أو العمل أو الصلاة او قد يكونوا طلابا أو مدرسين في المدارس أو عمالا، وهنا يقوم الباحث شخصيا بتوزيع الاستبيان باليد اختصارا للوقت والتكاليف.
النوع الثاني: تصنيف الاستبيان وفقا للشكل أو الصورة التي يمكن أن تأخذها أو تأتي عليها أسئلته وفقراته، ويمكن تقسمه إلى الآتي:
1- الاستبيان المباشر:
وهو الذي يتكون من أسئلة تهدف إلى الحصول على حقائق واضحة وصريحة مثل السؤال المباشر عن السن، الحالة الزوجية، المستوي التعليمي، المهنة وما إلى ذلك.
2- الاستبيان غير المباشر:
وهو الذي يتكون من أسئلة يمكن من خلال إجابتها استنتاج البيانات المطلوبة، فمثلا: إذا أراد الباحث معرفة درجة التكيف الاجتماعي للفرد يوجه أسئلة مثل هل لديك أصدقاء؟ هل يمكنك كسب أصدقائك بسهولة؟ … الخ، ومن خلال الإجابة على هذه الأسئلة غير المباشرة يمكن للباحث: استنتاج البيانات المطلوبة.
3- الاستبيان المقيد أو المقفول أو محدد الإجابة:
في هذا النوع من الاستبيانات لا يحدد الباحث في استمارته إجابات مفتوحة، وعلى المستجيب أن يختار ماير اه مناسبا، أو يحدد ما ينطبق عليه منها والاستبيان يتكون عادة من قائمة معدة من الأسئلة أو العبارات الثابتة وعلى المستجيب أن يختار من بين إجابات ممكنة محددة. ولهذا الاستبيان مميزات عدة انه سهل على الباحث في تبويبه وتحليله، قليل التكاليف في المال والجهد والوقت، كما نه سهل المعالجة كميا بيسر وسهولة.
4- الاستبيان المجسم أو المصور:
وهو الذي يقد م للمستجيبين رسوما أو صورا بدلا من العبارات المكتوبة ليختاروا من بينها الإجابات التي يميلون اليها ويعتبر هذا النوع من الاستبيانات أداة مناسبة لجمع البيانات من الأطفال ومن الراشدين محدودي القدرة على القراءة بوجه خاص. ولهذا الاستبيان المصور أهمية كبيرة من حيث تصوير المواقف التي لا تخضع للوصف، كما انه يعطى استجابة تتسم بالموضوعية أكثر من الأسئلة التي أحيانا يمتنع الفرد الإجابة على سؤال أ وعبارة معينة تمس شعوره أو ذاته.
الخاتمة
في الختام ألق هذا المقال الضوء على الاستبيان باعتباره أداة واسعة الانتشار في مجالات البحوث التربوية والنفسية والاجتماعية ما يسهل على الباحثين وطلبة الدراسات العليا والمهتمين بالبحوث التربوية بصورة عامة ومهمة الاطلاع النظري على أديبات الاختصاص، وفي ذلك توفير لهم في الوقت والجهد اللازمين لإعداد أدوات بحوثهم.
مرجعية المقال
الجرجاوي، زياد. (2010). القواعد المنهجية التربوية لبناء الاستبيان. مطبعة أبناء الجراح بفلسطين.