6 معلومات مهمة عن معاملي الصدق والثبات في البحث العلمي

الصدق والثبات في البحث العلمي

معاملي الصدق والثبات في البحث العلمي

يعد كل من معاملي الصدق والثبات في البحث العلمي من أهم المعاملات لقياس صدق وثبات أداة الدارسة. إذ تتميز البحوث التي تدرس سلوك الإنسان بالموضوعية من خلال اعتمادها على التقدير الكمي لعملية قياس ذلك السلوك. لأن غياب التقدير الكمي للسمات والخصائص والجوانب يؤدي إلى فقدان صفة الموضوعية، والصدق الخارجي لأدوات القياس التي تقيس ذلك السلوك، فتبقي دراسة السلوك حينها في حدود الوصف البسيط والملاحظة التي تضفي عليها صفة الذاتية.

ومن بين الإجراءات الواجب توفرها في تلك الأدوات كي نقول إنها صالحة للاستعمال وتكون هناك جودة في عملية القياس وثقة في النتائج المتوصل اليها. نجد مؤشرين هما الصدق والثبات، واللذان يعتبران شرطين أساسيين للحكم على صلاحية الأدوات التي اعتمدت في عملية القياس. ويهدف هذا المقال للتعرف على كل من معاملي الصدق والثبات وطريقة حسابهما أو التأكد منهما في البحوث الاجتماعية، لإعطاء مصداقية لأدوات البحث.

مفهوم الصدق Validity:

يقصد بالصدق ” صلاحية الأسلوب ” أو الأداة لقياس ما هو مراد قياسه، أو بمعني آخر صلاحية أداة البحث في تحقيق أهداف الدراسة، وبالتالي ارتفاع مستوي الثقة فيما توصل إليه الباحث من نتائج بحيث يمكن الانتقال منها إلى التعميم.

الصدق أيضا يعني صلاحية الأداة لقياس ما وضعت من أجل قياسه وصدقها في قياس السمة أو السمات التي يريد الباحث قياسها فعندما يكون الغرض قياس التحصيل في مادة معينة فإن صدق الأداة يعني أن الأداة صالحة لقياس التحصيل في تلك المادة وتوفير البيانات اللازمة عن التحصيل، يعني أن يكون المقياس صالحا لقياس الظاهرة أو السمة التي يراد قياسها.

من خلال التعاريف السابقة يتضح أن الصدق هو قدرة الأداة على قياس ما أعدت لقياسه فعلا. ويرى الباحثين أن صدق نتائج الاختبار تعتمد في جزء كبير منها على الصيغة التي يصاغ بها الاختبار وعلى الطريقة التي ينفذ بها.

أنواع الصدق في البحث العلمي:

يتحدد صدق أداة البحث عادة من خلال العلاقة بين أداء المستجيب عليها وبين وظيفة الأداة ويمكن الحصول على عدد من المؤشرات التي تعزز صدق الأداة بعدة طرق منها:

1- صدق المحتوي أو المضمون content validity:

ويعني الدرجة التي يقيس بها الاختبار المحتوي المراد قياسه. ويتطلب صدق المحتوي شيئان هما صدق الفقرات، وصدق المعاينة. ويعتمد هذا الأسلوب على مدي تمثيل بنود الاختبار تمثيلا جيدا للمجال المراد قياسه. ولذلك فإن الحصول على صدق الاختبار من خلال هذا الأسلوب يتوقف على تحديد المجال المراد قياسه تحديدا جيدا. وعليه فان صدق المحتوي يتناول فقرات الأداة ومحتوياتها من حيث ترتبيها وعددها وتمثيلها للجوانب والأبعاد المراد دراستها تمثيلا جيدا. وفقا للوزن النسبي أو درجة الأهمية لكل جزء منها. بمعني أن بنود المقياس أو الاختبار أو فقراتها تعبر عن الظاهرة أو السمة أو الموضوع الذي براد قياسه بدقة، وان الأداة في ذاتها تنتمي إلى موضوع الذي يراد فحصه وتصلح لقياسه.

2- صدق المحكمين trustees validity:

يعتبر صدق المحكمين أو استطلاع آراء المحكمين الخبراء من أكثر طرق الصدق شيوعا وسهولة وأشهرها استخداما لدي الباحثين. ويتم الحصول على صدق المحكمين عن طريق عرض الاختبار على مجموعة من المحكمين المختصين في المجال وذلك للتأكد من سلامة صياغة البنود من ناحية ومدي مناسبتها للمجال المراد قياسه من ناحية أخري.
وعليه فصدق المحكمين هو أن يختار الباحث عددا من المحكمين المتخصصين في مجال الظاهرة أو لمشكلة موضوع الدراسة، ويطلب منهم تصحيح الفقرات أو الحكم عليها بأنها مرتبطة بالبعد الذي يقيسه أم غير مرتبطة.

3- الصدق الظاهري face validity:

يشير مصطلح الصدق الظاهري كأحد المصطلحات المدرجة في معاملي الصدق والثبات إلى الدرجة التي يقيس بها الاختبار ما يفترض قياسه وهو إجراء أولي لاختبار المقياس وصدق المحتوي هام في الاختبارات التحصيلية. والعلامات على الاختبار لا تعكس بدقة تحصيل الطالب إذا لم تقيس ما يفترض أن يتعلمه الطالب. وعليه تبدو الإشكالية الرئيسية للصدق الظاهري في عدم وجود إجراءات دقيقة وقابلة للتكرار لتقييم أداة القياس، مع صعوبة تكرار إجراءات التقييم هذه بدقة فإن الباحث يعتمد كليا على الأحكام الذاتية.

4- الصدق البنائي construct validity:

نلجأ إلى الصدق البنائي عندما نريد أن نقيس مفاهيم معينة، والمقصود بالمفاهيم البنائية المفاهيم التي نصف رؤيتها أو سماعها أو لمسها مثل مفهوم الذكاء او مفهوم تقدير الذات. فالصدق البنائي يعني إلى درجة تؤكد نتائج تطبيق الأداة صحة الافتراضات المستخلصة من النظرية حول مفهوم السمة التي وضعت لقياسها وهناك عدة طرق للتحقق من صدق البناء مثل:

  1. مقياس التحليل لجوتمان: فإذا كان بالإمكان ترتيب فقرات الاختبار خطيا أو هرميا فإنه يمكن التنبؤ بدرجة الفرد على الاختبار من معرفة هذا الترتيب، وفي الحالات التي لا يمكن التنبؤ فيها بدرجات الأفراد فإن ذلك قد يعود إلى أن التصنيف الهرمي غير دقيق.
  2. التحليل العاملي factotial analysis: حيث يتم استخراج دلالات عن صدق البناء بهذه الطريقة من خلال مصفوفة الارتباطات بين الدرجات على فقرات الأداة في محاولة لإنقاص عدد العوامل أو المكونات التي تتجمع حولها فقرات الاختبار.

5- الصدق التلازمي concurrent validity:

ويطلق عليه صدق المحك أيضا، ويعني وجود ترابط بين الأداة والمقياس وأداة أخري ثم التأكد من معاملي الصدق والثبات لها أي بيان مدي اتفاق نتائج تطبيق الأداة الحالية مع نتائج محك آخر خارجي. فإذا ما قام الباحث بتطبيق الأداة أو المقياس الذي أعده على مجموعة أو عينة وطبق عليها في الوقت نفسه أداة أخري تم التثبت من صدقها غير أنها أشمل وأكثر تعقيدا ووجد أن هناك اتفاقا بينهما من ناحية قياس سمات قائمة بالفعل عن طريق حساب معامل الثبات بين الأداتين، فهذا يعني أن الأداة التي بناها صادقة. ويتم حكم على صدق الاختبار من خلال الارتباط بينه وبين أدوات أخري صادقة على أن يتم تطبيق الأداتين في الفترة الزمنية نفسها او في فترات متقاربة.

6- الصدق العاملي factotial validity :

يعتمد هذا الصدق على التحليل العاملي الذي يعتبر طريقة إحصائية لقياس العلاقة بين مجموعة من العوامل وفقا ما يلي:

  1. يطبق الباحث مجموعة أدوات تقيس السمة نفسها على عدد من المستجيبين.
  2. يحسب معامل الارتباط بين كل أداة والأدوات الأخرى.
  3. إذا وجد أن هناك معامل ارتباط عال بين أداتين منها ذلك يعني أن هناك سمات مشتركة بين هاتين الأداتين، ويمكن وضعهما تحت عامل مشترك واحد يشملهما معا، ويتم إعطاؤه اسما.

7- الصدق التنبؤي predictive validity:

المقصود بالصدق التنبؤي هو أن يكون هناك علاقة بين الاختبار والسلوك الحقيقي الذي نريد التنبؤ به، فإذا كانت نتائج الاختبار يمكن توقعها في التنبؤ بالسلوك أو الأداء، فإن الباحث يستطيع تقييم الصدق التنبؤي عن طريق الربط بين الأداء على الاختبار والسلوك.

مفهوم الثبات Reliability:

يحظى الثبات باهتمام كبير من قبل الباحثين في العلوم الاجتماعية لأن أداة القياس المستخدمة نادرا ما تكون صادقة بشكل كامل، فيلجأ الباحثون إلى تقييم أداة قياس واحتساب معاملي الصدق والثبات من ناحية خصائص أخري وافتراض صدقها، ومن بين الطرق المستخدمة في ذلك هي درجة ثباتها. إن كلمة الثبات قد تعني الاستقرار بمعني أنه لو كررت عمليات قياس الفرد الواحد لأظهرت درجته شيئا من الاستقرار، كما أن الثبات قد يعني الموضوعية، بمعني أن الفرد يحصل على نفس الدرجة مهما اختلف الذي يطبق الاختبار أو الذي يصححه وفي هذه الحالة يكون الاختبار الثابت، اختبار يقدر الفرد تقديرا لا يختلف في حسابه اثنان.

فالثبات يعني أن تكون النتائج التي تظهرها الأداة ثابته، بمعني تشير إلى النتائج نفسها لو أعيد تطبيقها على العينة نفسها في نفس الظروف بعد مدة زمنية ملائمة. فإذا لم تتغير النتائج بعد إعادة تطبيق الأداة، ولا تختلف استجابة المبحوثين فهذا يعني أن الأداة ثابتة.

تعرف إلى أنواع العينات في البحث العلمي.

الطرق الإحصائية لحساب الثبات:

هناك عدة طرق تستخدم للتحقق من ثبات أداة القياس ومنها:

1- طريقة إعادة الاختبار test retest method :

تتسم هذه الطريقة في حساب معاملي الصدق والثبات بالبساطة والسهولة حيث تقوم على فكرة إعادة نفس الاختبار على نفس عينة البحث مرة أخري بعج فترة زمنية يحددها الباحث. ويحسب معامل الارتباط درجات المرة الأولي، ومعامل ارتباط درجات المرة الثانية والمقارنة بينهما للحصول على معامل ثبات الاختبار. وتتمثل عموما عيوب هذه الطريقة فيما يلي:

  1. أن المستجيبين قد يتعلمون من التطبيق في المرة الاولي مما يفيدهم في المرة الثانية كما أن درجاتهم في المرة الثانية تتأثر بألفتهم لفقرات الأداة وانخفاض عامل التوتر وانتقال أثر التدريب.
  2. عندما تطول الفترة بين مرتي التطبيق فمن المتوقع أن يكون المستجيبون في المرة الثانية أكثر نموا، ونضجا، وخبرة، ومعرفة.

2- طريقة التجزئة النصفية split- half method :

في هذه الطريقة يقوم الباحث بتقسيم الاختبار (المقياس) بعد تطبيقه إلى نصفين متكافئين حساب معامل الارتباط كل نصف على حدي ثم الحصول بعد ذلك على معامل ثبات الاختبار ككل من خلال المعادلات الإحصائية المناسبة لذلك. حيث يتم تصحيحه بمعادلة إحصائية مثل معادلة سبيرمان براون أو رولون ، ويكون المقياس ثابتا إذا كان معامل الارتباط عاليا .
وبعبارة أخري أن التجزئة النصفية تعني تقسيم بنود الاختبار على نصفين الأول يشتمل على البنود أو الأسئلة ذات التسلسلات أو الأرقام الفردية والثاني يشتمل على البنود ذات التسلسلات الزوجية لذا فان الطريقة صالحة لقياس الاتساق الداخلي للاختبار. ويحسب الثبات بموجب هذه الطريقة بإتباع الخطوات الآتية:

  1. يختار عينة من أفراد المجتمع المستهدف بالقياس
  2. يقدم جزئي الاختبار إلى أفراد العينة للإجابة على بنودها
  3. يرصد درجات أفراد العينة على بنود كل من النصف الأول والثاني، فيكون لدرجة درجتان لكل طالب. يحسب معامل الارتباط بين درجات الطلبة على النصف الأول ودرجاتهم على النصف الثاني.

3- طريقة الصور المتكافئة equivalent forms method :

تعتمد هذه الطريقة على تكوين صورتين متكافئتين ومتماثلتين تماما للاختبار وتطبيقهما في نفس الوقت على نفس الأفراد، ثم حساب معامل ارتباط الصورة الأولي من الاختبار ومقارنتها بمعامل ارتباط الصورة الثانية، ويدل معامل ثبات الصورتين المتماثلتين على معامل ثبات الاختبار. وبصورة أوضح يجري حساب الثبات في هذه الطريقة بإتباع الإجراءات الآتية:

  1. يعد الباحث صيغتين متكافئتين من الاختبار
  2. يختار عينة من أفراد المجتمع المستهدف يفضل ألا يقل عددها عن 30 فردا
  3. يطبق الصيغة الاولي على أفراد العينة وبعد الانتهاء منها يطبق الصيغة الثانية عليهم، في جلسة أخري أو في الجلسة نفسها.
  4. يصحح إجابات أفراد العينة على كل صيغة من الصيغتين، فتكون لديه درجتان أو علامتان لكل فرد.
  5. يحسب معامل الارتباط بين درجات أفراد العينة على الصيغة الأولي والثانية فإن وجده عاليا يمكن القول أن الاختبار ثابت ويصلح الاعتماد عليه.

أقرأ أيضًا عن التحليل التلوي أو البعدي في البحث العلمي. كمقال داعم لمعاملي الصدق والثبات

الخاتمة

يعد معاملي الصدق والثبات من التقنيات التي يستعملها الباحث الجاد لإعطاء مصداقية لأدوات بحثه. إذ لابد أن تقيس أداة الدراسة ما يريد الباحث أن يقيسه، كما يجب أن تكون الإجابة عليها هي ذاتها نفس الإجابة لو تكرر أجراء القياس. ولهذا كان معاملي الصدق والثبات من أهم الشروط المنهجية في تصميم أداوت البحث العلمي.

مرجعية المقال

حنان، بشته، نعيم، بوعموشة.(2020). معاملي الصدق والثبات في البحوث الاجتماعية. مجلة دراسات في علوم الانسان والمجتمع -جامعة جيجل.

Scroll to Top