تعتبر المقابلة أحد أدوات جمع البيانات في البحث العلمي التي يمكن بواسطتها اختبار الفرضيات. فبعد ان يكون الباحث قد حدد اهداف بحثه بوضوح، وصاغ مشكلة البحث وصاغ فرضياته، يكون قد اتضح في ذهنه نوع المادة او البيانات او المعلومات التي يريد ان يجمعها لكي يجيب على مشكلة البحث. وكذلك مصادر هذه المادة ذلك ان مشكلة البحث سوف تحدد للباحث نوع البيانات ومصادرها وبالتالي الأدوات التي سيستخدمها في جمع هذه البيانات. ومن اهم تلك الأدوات استخدما في البحث العلمي هي المقابلة.
وفي هذا المقال سوف نبين تعريف المقابلة واشكالها وكيفية اجرائها ومميزاتها وعيوبها حتى يسهل على الباحث استخدام تلك الأداة المهمة في البحث العلمي.
تعريف المقابلة أحد أدوات جمع البيانات في البحث:
المقابلة هي استبيانا شفويا يقوم من خلاله الباحث بجمع معلومات وبيانات شفوية من المفحوص، والفرق بين المقابلة والاستبيان يتمثل في أن المفحوص هو الذي يكتب الإجابة عن أسئلة الاستبيان، بينما يكتب الباحث بنفسه إجابات المفحوص في المقابلة. والمقابلة هي أداة مهمة للحصول على المعلومات من خلال مصادرها البشرية، وإذا كان الباحث شخصا مدربا فإنه سيحصل على معلومات تفوق في أهميتها ما يمكن أن نحصل عليه من استخدام أدوات اخري مثل الملاحظة أو الاستبيان. ذلك ان المقابلة تمكن الباحث من دراسة وفهم التعبيرات النفسية للمفحوص والاطلاع على مدي انفعاله وتأثره بالمعلومات التي يقدمها.
استخدامات المقابلة:
تستخدم المقابلة في معظم أنواع البحوث الاستطلاعية والوصفية والتجريبية اما كأداة وحيدة أو كأداة مساعدة لغيرها من الأدوات ومن أكثر الحالات التي تستخدم فيها المقابلة هي كالاتي:
- دراسة موضوعات تتطلب ملاحظات من جانب الباحث والمستجيب في آن واحد.
- دراسة موضوعات تتطلب توجيه أسئلة لعدد من المستجيبين موجودين سويا في آن واحد ومكان واحد من أجل مقارنة استجاباتهم، واثارة النقاش بينهم، مما يكشف عن معلومات لا يسهل الحصول عليها من مقابلة كل منهم على حده.
- دراسة موضوعات يتطلب الحصول على بيانات عنها تكوين علاقة قوية مع المستجيبين.
- دراسة موضوعات ذات طابع شخصي وسري لا يدلي المفحوصون بمعلومات عنها للغرباء.
- مع فئات خاصة: ضعاف العقول، صغار السن، من يحتاجون اشعار بأهميتهم.
أشكال المقابلة
المقابلات الفردية المقابلات الجماعية:
تجرى معظم المقابلات في موقف خاص مع فرد واحد في الوقت نفسه لكي يشعر بالحرية في التعبير عن نفسه تعبيرا كاملا وصادقا: يقوم فيها باحث واحد بتوجيه أسئلة لمبحوث واحد في موقف المقابلة وقد تكون هذه المقابلة حرة او مقيدة.
على ان المقابلات الجماعية تؤدي أحيانا الى بيانات أكثر فائدة فحينما يجمع افراد مؤهلون ذوو خلفيات مشتركة او مختلفة لمعالجة مشكلة او تقويم مزايا اقتراح، فانهم يستطيعون تقديم مدي واسع من المعلومات ووجهات النظر المتنوعة، كما يمكنهم ان يساعدوا بعضهم بعضا على تذكر عناصر المعلومات او مراجعتها او تنقيحها.
أنواع المقابلة في البحث العلمي:
تصنف المقابلات على أساس الهدف الذي تسعي لتحقيقه الى أربعة أنواع:
1- المقابلة المسحية:
يهدف الحصول على معلومات وبيانات وآراء كتلك التي تستخدم في دراسات الرأي العام. ويعتبر هذا النوع هو اهم نوع في أنواع المقابلة وهو ينقسم الى قسمين:
المقابلات المقننة او المحددة:
وهي المقابلات التي يلتزم فيها الباحث بتقديم أسئلة محددة وبترتيب محدد وبأ لا لفاظ نفسها لكل المبحوثين ويستخدم فيها الأسئلة المغلقة، أي التي تحدد فيها إجابات يختار منها المبحوث الإجابة التي تناسبه، ويستخدم الباحث فيها استمارة للمقابلة تشبه استمارة الاستبيان وهذه المقابلات المقننة عملية في طبيعتها، لأنها توفر الضوابط اللازمة التي تسمح بصياغة تعميمات علمية وتستخدم المقابلة المقننة في الدراسات المسحية ومع كافة المبحوثين.
2- المقابلات غير المقننة او (الحرة):
هي تلك التي لا يلتزم فيها الباحث مسبقا بأسئلة محددة بدقة تلقي بألا لفاظ نفسها على جميع المبحوثين وبالترتيب نفسه. وتستخدم فيها ما يسمي بالأسئلة المفتوحة. ولا تستخدم في المقابلات غير المقننة عادة حينما يقوم شخص باختبار صدق الفروض وتحقيقها، ولكنها تعد أداة قيمة في المرحلة الاستكشافية من البحث.
تستخدم المقابلات الحرة في الدراسات الأنثروبولوجيا والدراسات الوصفية ودراسة الحالة التي لا تقضي وصفا كميا او متعمقا لها.
3- المقابلة التشخصية:
تهدف إلى تحديد مشكلة ما ومعرفة أسبابها وعواملها.
4- المقابلة العلاجية:
تهدف إلى تقديم العون إلى شخص يواجه مشكلة ما.
5- المقابلة الارشادية او التوجيهية:
تهدف إلى تمكين العميل من ان يفهم مشكلاته الشخصية والتعليمية والمهنية على نحو أفضل، وان يعمل خططا سليمة لهذه المشكلات.
خطوات الإعداد للمقابلة في البحث العلمي:
يتطلب الإعداد للمقابلة تحديد أهداف المقابلة والمعلومات التي يريد الباحث الحصول عليها من المصادر البشرية، كما يتطلب تحديد هذه المصادر البشرية القادرة على إعطاء المعلومات المطلوبة.
ويتم الإعداد للمقابلة وفق الخطوات الآتية:
1- تحديد أهداف المقابلة:
تهدف المقابلة أساسا إلى الحصول على ملعو مات وبيانات وآراء ضرورية للإجابة عن أسئلة الدراسة أو لحل مشكلة الدراسة، والباحث هنا عليه أن يحدد أهداف المقابلة ويحدد طبيعة المعلومات التي يحتاج إليها، ويصوغ هذه الأهداف بشكل سلوكي محدد حتى يتمكن من إعداد الوسائل وتوجيهها للحصول على معلومات وآراء وفق هذه الأهداف.
2-تحديد الأفراد الذين سيقابلهم الباحث:
يحدد الباحث المجتمع الأصلي للدراسة، ويختار من هذا المجتمع عينة ممثلة تحقق له أغراض دراسته، ويشترط ان تتوافر عند أفراد هذه العينة الرغبة في إعطاء المعلومات المطلوبة والتعاون مع الباحث في هذا المجال، ذلك أن عدم توفر هذه الرغبة قد يحرم الباحث من الحصول على المعلومات المناسبة.
3- تحديد أسئلة المقابلة:
سبق القول: إن المقابلة العلمية تحتاج إلى إعداد مسبق، ويتطلب هذا الإعداد أن يكون الباحث مستعد لطرح الأسئلة اللازمة للحصول على المعلومات بحيث يتوافر عي هذه الأسئلة المزايا العلمية مثل: الوضوح، والموضوعية، والتحديد، كما يحدد الباحث طريقة توجيه الأسئلة وترتيبها.
4- تحديد مكان المقابلة وزمانها:
يحدد الباحث مكان المقابلة وزمانها مراعيا في ذلك أن يكون المكان مريحا ومقبولا من قبل المبحوث، وأن يكون وقت المقابلة مناسبا للمبحوث بحيث لا يتعارض مع أعمال أخري له.
مقال شمولي عن الاستبيان كأداة لجمع البيانات في البحث العلمي.
مزايا المقابلة كأداة في البحث العلمي:
نجد ان للمقابلة مزايا متعددة عند استخدامها كأداة لجمع البيانات في البحث العلمي ومن أهمها:
- إمكانية استخدامها في حالة ان يكون المفحوصون أطفالا او اميين او كبار السن. حيث يكون هدف الباحث الحصول على وصف كيفي للواقع بدلا من وصفي كمي او رقمي.
- يمكن تشكيل الجو الاجتماعي في المقابلة الشخصية، وقد يستطيع القائم بالمقابلة ان يقدم بعض الاعتراضات على موقف ويلاحظ كيف يستجيب لهذه الاعتراضات.
- انها تتيح فرصة أفضل للكشف عن البيانات التي تتصل بموضوعات معقدة او مثيرة للانفعال او لتقصي العواطف التي تكمن وراء رأي عبر عنه صاحبه.
- انها ذات فائدة كبري في الاستشارات.
- قد يستخدمها الباحث مع وسيلة الملاحظة للتأكد من صحة المعلومات.
- تنشأ مميزات عديدة من التفاعل الودي في المقابلة الشخصية.
عيوب المقابلة في البحث العلمي:
رغم ان المقابلة هي الوسيلة الاولي في الارشاد وجمع المعلومات، الا ان لها بعض العيوب منها:
- انخفاض معامل الصدق، وذلك لاختلاف تقدير المشاعر والقدرات والميول.
- انخفاض معامل الثبات، لاختلاف المشاعر والخبرات الذاتية من يوم لأخر في تفسير نتائج المقابلة.
- قد تختلف النتائج مع الحقائق الموضوعية وقد يخطئ الباحث في تفسير صفات معينة أو يبالغ فيها حسب رغبته واتجاهاته وخبراته. وقد يكون متحيزا عند التسجيل.
- تستهلك كثيرا من الوقت والجهد وقد تكون باهظة التكاليف.
- ان نجاحها يعتمد الي حد كبير على رغبة المفحوص في التعاون وإعطاء المعلومات الموثوقة والدقيقة.
الخاتمة
يتضح لنا ان المقابلة هي الوسيلة الاولي الأساسية والهامة في جمع المعلومات حيث تتضمن هذه الوسيلة الوسائل الأخرى. فالمقابلة هي استبيان شفوي يتضمن مجموعة من الأسئلة تنتظر الإجابة. ومن خلال المقابلة تتم الملاحظة. حيث يلاحظ المقابل ردود الفعل والتأثير النفسي. وعلامات الوجه والتعبيرات التي تعكس مدي الاستفسارات عليها فهي إذا في حد ذاتها معلومات، والمقابلة تكون فعالة في الحصول على المعلومات إذا كان الباحث قادرا على الدخول في الحوار الهادف دقيقا في طرح الأسئلة وتحليل الإجابات وتدوين المعلومات.
مرجعية المقال
عبيدات، ذوقان، عبد الحق، كايد، عدس، عبد الرحمن. (2015). البحث العلمي مفهومه وأدواته وأساليبه. دار الفكر-عمان
يونس، سارة، العناني. (1990). من أدوات البحث العلمي “المقابلة”. جمعية المكتبات والمعلومات الأردنية.37-50.